فصل: فائدة الفداء والشفاعة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فائدة حقيقة النبوة:

أما الطريق الأول فتوضيحه أن حقيقة البنوة والتولد هو أن يجزء واحد من هذه الموجودات الحية المادية كالإنسان والحيوان بل النبات أيضا شيئا من مادة نفسه ثم يجعله بالتربية التدريجية فردا آخر من نوعه مماثلا لنفسه يترتب عليه من الخواص والآثار ما كان يترتب على المجزى منه كالحيوان يفصل من نفسه النطفة والنبات يفصل من نفسه اللقاح ثم يأخذ في تربيته تدريجا حتى يصيره حيوانا أو نباتا آخر مماثلا لنفسه ومن المعلوم أن الله سبحانه يمتنع عليه ذلك أما أولا فلاستلزامه الجسمية المادية والله سبحانه منزه من المادة ولوازمها الافتقارية كالحركة والزمان والمكان وغير ذلك وأما ثانيا فلأن الله سبحانه لإطلاق ألوهيته وربوبيته له القيومية المطلقة على ما سواه فكل شيء سواه مفتقر الوجود إليه قائم الوجود به فكيف يمكن فرض شيء غيره يماثله في النوعية يستقل عنه بنفسه ويكون له من الذات والأوصاف والأحكام ما له من غير افتقار إليه وأما ثالثا فلأن جواز الإيلاد والاستيلاد عليه تعالى يستلزم جواز الفعل التدريجي عليه تعالى وهو يستلزم دخوله تحت ناموس المادة والحركة وهو خلف بل ما يقع بإرادته ومشيته تعالى إنما يقع من غير مهلة وتدريج.
وهذا البيان هو الذي يفيده قوله تعالى: {وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون}: البقرة- 117 وعلى ما قررناه فقوله سبحانه برهان وقوله له ما في السموات والأرض كل له قانتون برهان آخر وقوله بديع السموات والأرض إذا قضى الخ برهان ثالث.
ويمكن أن يجعل قوله بديع السموات والأرض من قبيل إضافة الصفة إلى فاعلها ويستفاد منه أن خلقه تعالى على غير مثال سابق فلا يمكن منه الإيلاد لأنه خلق على مثال نفسه لانمفروضهم العينية فيكون هذه الفقرة وحدها برهانا آخر.
ولو فرض قولهم اتخذ الله ولدا كلاما ملقى لا على وجه الحقيقة بل على وجه التوسع في معنى الابن والولد بأن يراد به انفصال شيء عن شيء يماثله في الحقيقة من غير تجزء مادي أو تدريج زماني وهذا هو الذي يرومه النصارى بقولهم المسيح ابن الله بعد تنقيحه ليتخلص بذلك عن إشكال الجسمية والمادية والتدريج بقي إشكال المماثلة.
توضيحه أن إثبات الابن والأب إثبات للعدد بالضرورة وهو إثبات للكثرة الحقيقية وإن فرضت الوحدة النوعية بين الأب والابن كالأب والابن من الإنسان هما واحد في الحقيقة الإنسانيد وكثير من حيث إنهما فردان من الإنسان وعلى هذا فلو فرض وحدة الإله كان كل ما سواه ومن جملتها الابن غيرا له مملوكا مفتقرا إليه فلا يكون الابن المفروض إلها مثله ولو فرض ابن مماثل له غير مفتقر إليه بل مستقل مثله بطل التوحيد في الإله عز اسمه.
وهذا البيان هو المدلول عليه بقوله تعالى: {ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا}: النساء- 171.
وأما الطريق الثاني وهو بيان أن شخص عيسى ابن مريم عليه السلام ليس ابنا لله مشاركا له في الحقيقة الإلهية فلما كان فيه من البشرية ولوازمها وتوضيحه أن المسيح عليه السلام حملت به مريم وربته جنينا في رحمها ثم وضعته وضع المرأة ولدها ثم ربته كما يتربى الولد في حضانة أمه ثم أخذ في النشوء وقطع مراحل الحياة والارتقاء في مدارج العمر من الصبا والشباب والكهولة وفي جميع ذلك كان حاله حال إنسان طبيعي في حياته يعرضه من العوارض والحالات ما يعرض الإنسان من جوع وشبع وسرور ومسائة ولذة وألم وأكل وشرب ونوم ويقظة وتعب وراحة وغير ذلك.
فهذا ما شوهد من حال المسيح عليه السلام حين مكثه بين الناس ولا يرتاب ذو عقل أن من كان هذا شأنه فهو إنسان كسائر الأناسي من نوعه وإذا كان كذلك فهو مخلوق مصنوع كسائر أفراد نوعه وأما صدور الخوارق وتحقق المعجزات بيده كإحياء الأموات وخلق الطير وإبراء الأكمه والأبرص وكذا تحقق الخوارق من الآيات في وجوده كتكونه من غير أب فإنما هي أمور خارقة للعادة المألوفة والسنة الجارية في الطبيعة فإنها نادرة الوجود لا مستحيلته فهذا آدم تذكر الكتب السماوية أنه خلق من تراب ولا أب له وهؤلاء أنبياء الله كصالح وإبراهيم وموسى عليهم السلام جرت بأيديهم آيات معجزة كثيرة مذكورة في مسفورات الوحي من غير أن تقتضي فيهم ألوهية ولا خروجا عن طور الإنسانية.
وهذه الطريقة هي المسلوكة في قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد} إلى أن قال: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون}: المائدة- 75 وقد خص أكل الطعام من بين جميع الأفعال بالذكر لكونه من أحسنها دلالة على المادية واستلزاما للحاجة والفاقة المنافية للألوهية فمن المعلوم أن من يجوع ويظمأ بطبعه ثم يشبع بأكله أو يرتوى بشربه ليس عنده غير الحاجة والفاقة التي لا يرفعها إلا غيره وما معنى ألوهية من هذا شأنه فإن الذي قد أحاطت به الحاجة واحتاج في رفعها إلى الخارج من نفسه فهو ناقص في نفسه مدبر بغيره وليس بإله غني بذاته بل هو مخلوق مدبر بربوبية من ينتهي إليه تدبيره.
وإلى هذا يمكن أن يرجع قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير} [المائدة- 17].
وكذا قوله تعالى في ذيل الآية المنقولة سابقا آية 75 خطابا للنصارى: {قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم}: المائدة- 76.
فإن الملاك في هذا النوع من الاحتجاجات هو أن الذي شوهد من أمر المسيح أنه كان يعيش على الناموس الجاري في حياة الإنسان متصفا بجميع صفاته وأفعاله وأحواله النوعية كالأكل والشرب وسائر الاحتياجات الإنسانية والخواص البشرية ولم يكن هذا التلبس والاتصاف بحسب ظاهر الحس أو تسويل الخيال فحسب بل كان على الحقيقة وكان المسيح عليه السلام إنسانا ذا هذه الأوصاف والأحوال والأفعال والأناجيل مشحونة بتسميته نفسه إنسانا وابن الإنسان مملوئة بالقصص الناطقة بأكله وشربه ونومه ومشيه ومسافرته وتعبه وتكلمه ونحو ذلك بحيث لا يقبل شيء منها صرفا ولا تأويلا ومع تسليم هذه الأمور يجري على المسيح ما يجري على غيره فهو لا يملك من غيره شيئا كغيره ويمكن أن يهلك كغيره.
وكذا حديث عبادته ودعائه بحيث لا يرتاب في أن ما كان يأتيه من عبادة فإنما للتقرب من الله والخضوع لقدس ساحته لا لتعليم الناس أو لاغراض أخر تشابه ذلك.
وإلى حديث العبادة والاحتجاج به يؤمي قوله تعالى: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا}: النساء- 172 فعبادة المسيح أول دليل على أنه ليس بإله وأن الألوهية لغيره لا نصيب له فيها فأي معنى لنصب الشيء نفسه في مقام العبودية والمملوكية لنفسه وكون الشيء قائما بنفسه من عين الجهة التي بها يقوم نفسه والأمر ظاهر وكذا عبادة الملائكة كاشفة عن أنها ليست ببنات الله سبحانه ولا أن روح القدس إله بعد ما كانوا بأجمعهم عابدين لله طائعين له كما قال تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون}: الأنبياء- 28.
على أن الاناجيل مشحونة بأن الروح طائع لله ورسله مؤتمر للأمر محكوم بالحكم ولا معنى لأمر الشيء نفسه ولا لطاعته لذاته ولا لانقياده وائتماره لمخلوق نفسه.
ونظير عبادة المسيح لله سبحانه في الدلالة على المغايرة دعوته الناس إلى عبادة الله كما يشير إليه قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم أنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}: المائدة- 72 وسبيل الآية واحتجاجها ظاهر.
والأناجيل أيضا مشحونة في دعوته إلى الله سبحانه وهي وإن لم تشتمل على هذا اللفظ الجامع {اعبدوا الله ربي وربكم} لكنها مشتملة على الدعوة إلى عبادة الله وعلى اعترافه بأنه ربه الذي بيده زمام أمره وعلى اعترافه بأنه رب الناس ولا تتضمن دعوته إلى عبادة د نفسه صريحا ولا مرة مع ما فيها من قوله أنا وأبي واحد نحن إنجيل يوحنا الإصحاح العاشر فمن الواجب أن يحمل على تقدير صحته على أن المراد أن إطاعتي إطاعة الله كما قال تعالى في كتابه الكريم: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء: 80]. اهـ.

.فائدة الفداء والشفاعة:

المسيح من الشفعاء عند الله وليس بفاد، زعمت النصارى أن المسيح فداهم بدمه الكريم ولذلك لقبوه بالفادي قالوا إن آدم لما عصي الله بالأكل من الشجرة المنهية في الجنة أخطأ بذلك ولزمته الخطيئة وكذلك لزمت ذريته من بعده ما توالدوا وتناسلوا وجزاء الخطيئة العقاب في الآخرة والهلاك الأبدي الذي لا مخلص منه وقد كان الله سبحانه رحيما عادلا.
فبدا إذ ذاك إشكال عويص لا انحلال له وهو أنه لو عاقب آدم وذريته بخطيئتهم كان ذلك منافيا لرحمته التي لها خلقهم ولو غفر لهم كان ذلك منافيا لعدله فإن مقتضى العدل أن يعاقب المجرم الخاطي بجرمه وخطيئته كما أن مقتضاه أن يثاب المحسن المطيع بإحسانه وإسائته.
ولم تزل هذه العويصة على حالها حتى حلها ببركة المسيح وذلك بأن حل المسيح وهو ابن الله وهو الله نفسه رحم واحدة من ذرية آدم وهو مريم البتول وتولد منها كما يتولد إنسان فكان بذلك إنسانا كاملا لأنه ابن إنسان وإلها كاملا لأنه ابن الله وابن الله هو الله تعالى معصوما عن جميع الذنوب والخطايا.
وبعد أن عاش بين الناس برهة يسيرة من الزمان يعاشرهم ويخالطهم ويأكل ويشرب معهم ويكلمهم ويستأنس بهم ويمشي فيهم تسخر لاعدائه ليقتلوه شر قتلة وهي قتلة الصلب التي لعن صاحبها في الكتاب الإلهي فاحتمل اللعن والصلب بما فيه من الزجر والأذى والعذاب ففدى الناس بنفسه ليخلصوا بذلك من عقاب الآخرة وهلاك السرمد وهو كفارة لخطايا المؤمنين به بل لخطايا كل العالم هذا ما قالوه.
وقد جعلت النصارى هذه الكلمة أعني مسألة الصلب والفداء أساس دعوتهم فلا يبدئون إلا بها ولا يختمون إلا عليها كما أن القرآن يجعل أساس الدعوة الإسلامية هو التوحيد كما قال الله مخاطبا لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}: يوسف- 108 مع أن المسيح على ما يصرح به الأناجيل وقد تقدم نقله كان يجعل أول الوصايا هو التوحيد ومحبة الله سبحانه.
وقد ناقشهم غيرهم من المسلمين وسائر الباحثين فيما يشتمل عليه قولهم هذا من وجوه الفساد والبطلان وألفت فيها كتب ورسائل وملئت بها صحف وطوامير ببيان منافاتها لضرورة العقل ومناقضتها لكتب العهدين والذي يهمنا ويوافق الغرض الموضوع له هذا الكتاب بيان جهات منافاته لأصول تعليم القرآن وختمه ببيان الفرق بين ما يثبته القرآن من الشفاعة وما يثبتونه من الفداء.
على أن القرآن يذكر صراحة أنه إنما يخاطب الناس ويكلمهم ببيان ما يقرب من أفق عقولهم ويمكن بياناته من فقههم وفهمهم وهو الأمر الذي به يميز الإنسان الحق من الباطل فينقاد لهذا ويأبى ذاك ويفرق بين الخير والشر والنافع والضار فيأخذ بهذا ويترك ذاك والذي ذكرناه من اعتبار القرآن في بياناته حكم العقل السليم مما لا غبار عليه عند من راجع الكتاب العزيز.
فأما ما ذكروه ففيه أولا أنهم ذكروا معصية آدم عليه السلام بالأكل من الشجرة المنهية والقرآن يدفع ذلك من جهتين الأولى أن النهي هناك كان نهيا إرشاديا يقصد به صلاح المنهي ووجه الرشد في أمره لا إعمال المولوية والأمر الذي هو من هذا القبيل لا يترتب على امتثاله ولا تركه ثواب ولا عقاب مولوي كأوامر المشير ونواهيه لمن يستشيره وأوامر الطبيب ونواهيه للمريض بل إنما يترتب على امتثال التكليف الإرشادي الرشد المنظور لمصلحة المكلف وعلى مخالفته الوقوع في مفسدة المخالفة وضرر الفعل بما أنه فعل وبالجملة لم يلحق بآدم عليه السلام إلا أنه أخرج من الجنة وفاته راحة القرب وسرور الرضا وأما العقاب الأخروي فلا لأنه لم يعص معصية مولوية حتى يستتبع عقابا راجع تفسير الآيات 39 35 من سورة البقرة.
والثانية أنه عليه السلام كان نبيا والقرآن ينزه ساحة الأنبياء عليهم السلام ويبرء نفوسهم الشريفة عن اقتراف المعاصي والفسق عن أمر الله سبحانه والبرهان العقلي أيضا يؤيد ذلك راجع ما ذكرناه في البحث عن عصمة الأنبياء في تفسير الآية 213 من سورة البقرة.
وثانيا قولهم إن الخطيئة لزمت آدم فإن القرآن يدفعه بقوله: {ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى}: [طه: 122] وقوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه أنه هو التواب الرحيم}: [البقرة: 37] والاعتبار العقلي يؤيد ذلك بل يبينه فإن الخطيئة وتبعة الذنب إنما هو أمر محذور مخوف منه يعتبره العقل أو المولى لازما للمخالفة والتمرد ليستحكم بذلك أمر التكليف فلولا العقاب والثواب لم يستقم أمر المولوية ولم يمتثل أمر ولا نهي وكما أن من شئون المولوية بسط العقاب على المجرمين في جرائمهم كالثواب على المطيعين في طاعاتهم كذلك من شئون المولوية إطلاق التصرف في دائرة مولويته فللمولى أن يغمض عن خطيئة المخطئين ومعصية العاصين بالعفو والمغفرة فإنه نوع تصرف وحكومة كما أن له أن يؤاخذ بها وهي نوع حكومة وحسن العفو والمغفرة عن الموالي وأولي القوة والسطوة في الجملة مما لا ريب فيه والعقلاء من الناس يستعملونه إلى هذا الحين فكون كل خطيئة صادرة من الإنسأن لازمة للإنسان مما لا وجه له ألبتة وإلا لم يكن لأصل العفو والمغفرة تحقق لأن المغفرة والعفو إنما يكون لإمحاء الخطيئة وإبطال أثر الذنب ومع فرض أن الخطيئة لازمة غير منفكة لا يبقى موضوع للعفو والمغفرة مع أن الوحي الالهي مملو بحديث العفو والمغفرة وكتب العهدين كذلك حتى أن هذا الكلام المنقول منهم لا يخلو عنه وبالجملة دعوى كون ذنب من الذنوب أو خطيئة من الخطايا لازمة غير قابلة في نفسه للمغفرة والإمحاء حتى بالتوبة والإنابة والرجوع والندم مما لا يقبله عقل سليم ولا طبع مستقيم.
وثالثا أن قولهم أن خطيئة آدم كما لزمته كذلك لزمت ذريته إلى يوم القيامة يستلزم أن يشمل تبعة الذنب الصادر من واحد غيره أيضا ممن لم يذنب في المعاصي المولوية وبعبارة أخرى أن يصدر فعل عن واحد ويعم عصيانه وتبعته غير فاعله كما يشمل فاعله وهذا غير أن يأتي قوم بالمعصية ويرضى به آخرون من أخلافهم فتحسب المعصية على الجميع وبالجملة هو تحمل الوزر من غير صدور الذنب والقرآن يرد ذلك كما في قوله: {أن لا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}: النجم- 39 والعقل يساعده عليه لقبح مؤاخذة من لم يذنب بذنب لم يصدر عنه راجع أبحاث الأفعال في تفسير آية 218 216 من سورة البقرة.